مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة السادسة)

توفيق السامعي
الجمعة ، ١٢ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٩ مساءً

 

الإمام الناصر صلاح الدين

هو محمد بن علي بن محمد، كان أبوه الإمام المهدي، وتلقب هذا الأخير بالناصر صلاح الدين. تولى الإمامة سنة 773 هجرية، بعد وفاة أبيه في ذمار.

عمل هذا الإمام على نشر المذهب الهادوي بقوة السلاح والنار وغير معتقدات بلدان ومخاليف، وخاصة في تهامة من أهل المذهب الشافعي. وقد ذكر المؤرخ يحيى بن الحسين أنه "في سنة 777 سار الإمام صلاح الدين بجيوش جرارة إلى تهامة فدخل المهجم وأمر بإخرابها (هدمها). وفي هذه السنة وصل الأمير داود بن موسى بن حناجر إلى ناحية ذمار بعسكر كبير، فقبض عدة حصون في تلك الجهة، وأخرب قرىً كبيرة"( ) 

و"في شهر رجب من سنة 793 هجرية غزا بني شاور، أحد مخاليف لاعة، وبلاد قراضة، فأوقع بأهلها وقعة شديدة، واستولى عسكره على ما بأيديهم، وقتلوا أحمد بن زيد الشاوري، وانتهبوا من بيته جملة أموال، يقال إن أكثرها وديعة للناس. وكان أهل هذه الجهة على مذهب الشافعي، فانتقلوا إلى مذهب الهادوية في ذلك الأوان. وربما بلغ الإمام اجتماعهم ليلة النصف من شعبان، وما يقع هناك من حضور النسوان. وكان هذا الفقيه أحمد بن زيد قد نهاهم عن ترك مذهبهم الأول[يعني عدم ترك مذهب الشافعي]"( )

إذاً اتضح أن دافع الغزو وقتل فقيه بني شاور هو اعتراضه على قومه من ترك المذهب الشافعي والدخول في مذهب الهادوية، وما تهمة حضور النسوان في ليلة النصف من شعبان إلا ذريعة من ذرائع الغزو، كما فعل الأئمة مع الإسماعيلية أثناء غزواتهم المتكررة إلى حراز وغيرها، وما يذهب إليه الأئمة من تشويه خصومهم ليكون دافعاً لهم ولجيوشهم باستحلال دماء خصومهم ونهب أموالهم والسيطرة على أراضيهم وإقامة الحروب عليهم، كما فعل من قبل يحيى الرسي وعبدالله بن حمزة وآخرون.

لكن الله عاقب ذلك الإمام بأن نفرت به بغلته وهاجت وعلقت رجله فيها فسحبته على وجهه حتى مكث فترة من الزمن يتوجع ثم مات بعد ذلك، وربما كان دعوة مظلوم أو دعوة الرجل الصالح الشاوري عليه لأنه قتل ظلماً وعدواناً.

وفي سنة 788 حاصر بيت غفر بهمدان وامتنع الأهالي بحصنها فدخل الحصن ثم قام بهدمه. كما دخل حصون ذمرمر وقام بهدم فده والقلعة.

وفي سنة 791 أقدم عسكر هذا الإمام على إحراق النويدرة والمملاح من تهامة (قرى جوار زبيد).( ) 

 

ابنه علي بن صلاح الدين

كان علي بن صلاح قائد جيش أبيه، مثله مثل المطهر بن شرف الدين، يسفك الدماء، ويبالغ المؤرخون الهادويون بحقه من ناحية الشجاعة والبطش، بينما يراه آخرون من غيرهم بأنه مجرم سفاح، شهر عنه خراب القرى وقطع الزروع ونهب الأموال، كما سن ذلك آباؤهم المؤسسون للإمامة في اليمن. 

ففي سنة 794 حدثت صراعات مختلفة بين علي بن صلاح الدين وطاهر معوضة، أحد مشايخ رداع الداعمين للدولة الرسولية، وكانت هناك بعض المواجهات بين الاثنين، وكان علي بن صلاح يغير على تلك النواحي فيقوم بتخريبها، وهو ما سيقوم به بعد قرون المطهر بن شرف الدين، وفي إحدى المرات، وعلي بن صلاح عائد من رداع قام بإخراب وتدمير قرية الجرشة لأن أهلها أخرجوا عامله منها، ثم قتل بعضهم ونهب أموالهم. ثم قام بنهب بيت ردم وبرم وريعان من همدان وقطع أشجارهم وأخرب آبارهم. وقام بمحاربة الإمام المهدي في ذمار وقتل ثمانين من أصحابه الأشراف السليمانيين ومن معهم وأسروا المهدي، وأما القتلى فطرحوا كلهم في بئر وردم البئر عليهم، فأخرب زروعهم ودورهم ومنها دار الشريف محمد بن مهدي ، ثم نهض علي بن صلاح إلى قرية مدع من البون لمحاربة السيد ابن إدريس فقام بتخريب قرية لأعوان ابن إدريس.( ) استولى فتاه ريحان على حصون وقرى همدان فقام بنهب مواشيها كلها بعد أن قتل منهم مقتلة عظيمة( )

في سنة 798 قام علي بن صلاح الدين بإخراب بيت حنبص ومنطقة حدة المجاورة لصنعاء.

اتجه علي بن صلاح الدين في سنة 800 إلى مناطق همدان وخمر وحراز وقام بقطع زروع وثمار دروان وعراس، ثم قام بتخريب وهدم خمر دورها وسورها إلا ما كان منها من الأسوار الحميرية القديمة فإنها استعصت عليهم لقوتها، ثم تقدم إلى خيوان فأخربها، ورجع إلى جبل عيال يزيد فأخرب المطلعة. ثم رجع إلى الجنات فأمر بإخرابها، ثم أخرب بلاد أهل السود [هي السودة من عمران]()

في سنة 802 أقدم علي بن صلاح الدين على تخريب دور لموالين للإمامين الهادي علي بن المؤيد بالله والمهدي في صعدة بعد أن أخلياها الإمامان الهادي والمهدي وهربا منه إلى ثلا والحيمة.

في سنة 803 قام علي بن صلاح الدين بتخريب قرى ومدن رداع وردمان اللتين كانت تحت بني شيوخ بني طاهر للرسوليين، لم يترك منها إلا المعسال وريام والزهراء.

في سنة 804 قام علي بن صلاح الدين بغزو منطقة حراز وأخرب حصن مصنعة بني جوال.

وفي سنة 805 هجرية قام هذا الداعي الإمامي بإخراب ضلع ومصنعة همدان وضروان.()

نلاحظ من خلال تتابع الأحداث وتواريخها أن هذا الرجل ما كان همه سوى تخريب القرى والمدن، ولم يؤثر عنه وعن والده أي إصلاح أو إنشاء معماري وترك آثار تذكر بعدهما إلا الخراب والدمار.

نحن هنا ركزنا فقط على التخريب والتدمير والهدم وقطع الزروع والثمار، بحسب موضوع وعنوان الحلقات، وهذه الجرائم كانت مصاحبة للقتل والمجازر المختلفة والمجاعات والأوبئة وغيرها، والتي ليست موضوع تناولنا حالياً.

.....يتبع

الحجر الصحفي في زمن الحوثي