الرئيسية > دنيا فويس > مخيمات المهاجرين الأفارقة شرق تونس تنشد حرية الوصول إلى إيطاليا

مخيمات المهاجرين الأفارقة شرق تونس تنشد حرية الوصول إلى إيطاليا

" class="main-news-image img

على بعد 25 كلم شمال مدينة صفاقس التونسية، تتجمع في غابة زياتين العامرة “مخيمات مؤقتة” تؤوي الآلاف من الأفارقة من المهاجرين غير النظاميين الراغبين في الوصول إلى السواحل الإيطالية، بعد أن تم ترحيلهم من مدينة صفاقس (شرق).

 

وعند الوصول إلى منطقة “ذراع بن زياد” من معتمدية العامرة (25 كلم شمال مدينة صفاقس) لم يكن يظهر أي شيء على جانبي الطريق الرابط بين صفاقس والشابة بولاية المهدية مرورا بمدينة جبنيانة (ولاية صفاقس) أحد معاقل صنع مراكب الهجرة غير النظامية الحديدية في تونس.

 

وأثناء الدخول إلى غابة الزيتون وعلى بعد نحو 4 كلم، بدت ملامح مخيمات لاجئين من عشرات الخيام البلاستيكية، فضلا عن خيام بلاستيكية تحيط بمركز المخيم حيث هناك مسجد تشكلت حدوده بقوارير بلاستيكية مستعلمة مملوءة بالرمل.

 

وعلى أطراف المخيم ملعب كرة قدم بدائي حيث نصبت شباك المرمى اعتمادا على أغصان الزيتون، أطفال وكهول ونساء منشغلون بشؤونهم اليومية، فهذا يطبخ غذاءه وهذه تلعب مع زوجها لعبة الطاولة، والآخر يجمع حوله في “المسجد” حلقة تحفيظ للقرآن الكريم، ومجموعة أخرى تحلقت حول موقد نار للتدفئة.

 

 

وأقيمت على أطراف المخيم متاجر قليلة مؤقتة في خيام بلاستيكية لبيع ما يسد رمق هؤلاء الذين يعيشون في المكان منذ أن تمّ ترحيل المهاجرين غير النظاميين من قلب مدينة صفاقس شهر سبتمبر الماضي.

 

وقدّر صاحب المقهى الذي يناديه الأفارقة “بابا” عدد هؤلاء بنحو 20 ألفا يعيشون في عدة مخيمات وسط غابات الزيتون.

 

وقال ليو الليبيري “نحن هنا من عدة جنسيات. بعضنا من الكاميرون وآخرون من ليبيريا وغينيا وبوركينا فاسو”.

 

وأضاف ليو، متحسرا، “نحن متعبون من وضعنا وكل ليلة ونهار الأمن يداهمنا، ليست هناك حرية”.

 

وتابع “مشكلتنا الأساسية لماذا الاتحاد الأوروبي يستعمل رؤساءنا لمواجهتنا وهم أفارقة”.

 

وتساءل ليو قائلا “لماذا اليوم يُستعمل رؤساؤنا لإيقافنا عن الوصول إلى وجهتنا (أوروبا)؟

 

لقد بقينا نتقاذف بين الحدود”.

 

بدوره قال جوكو غايتون من الكاميرون “أنا هنا في تونس منذ 9 أشهر والوضع الذي نعيشه في تونس صعب جدا”.

 

وأضاف غايتون “تعرضنا لعدة صعوبات للوصول إلى هنا والحرس الوطني (التونسي) يهددنا كل يوم ويرسلنا إلى ليبيا والليبيون يرسلوننا إلى الحدود الجزائرية”.

 

وتابع “لا يمكننا السير في الطرقات ويمنعون الناس من البيع لنا ويغلقون الدكاكين ولا يتركون لنا سوى الخبز، ولا يمكننا الحصول على تاكسي (سيارة أجرة) و لا على سيارات للتنقل”.

 

صفاقس شهدت حالة من الاحتقان تطورت إلى مواجهات عنيفة بين سكان المدينة والمهاجرين المقيمين بها، على خلفية مقتل شاب على يد مهاجرين غير نظاميين

 

وأفاد غايتون، متوجها للرئيس قيس سعيّد “أنت أبونا وكل ما نطلبه من الرئيس التونسي هو مساعدتنا، كلنا أفارقة ونحن نبكي بين يديك لترى وضع الأطفال هنا.. ليس لنا ما نأكل”.

 

وأضاف “إذا حصل شيء سيء من شخص منا فإننا نطلب الصفح.. سامحنا وساعدنا حتى نصل إلى الضفة الأخرى، فكل ما نريد هو الوصول إلى إيطاليا”.

 

واشتكى غايتون وضعه “أنا شخصيا لي جراح من الأمن التونسي عندما أوقفنا الحرس البحري عاملنا بسوء. ضربونا وجرحونا وكأننا حيوانات. ليس إنسانيا هذا النوع من التصرّف”.

 

وقال “اتركونا نمشي في الطرقات ووفروا لنا ما نأكل واتركونا نعمل في أعمال بسيطة ولن نسرق ولن نعتدي..”.

 

وبدا ساغا جاكتي، من مالي هو الآخر مستاء من وضعه، وقال “عندما ذهبنا إلى المسجد طلب منا رجال الشرطة المغادرة”.

 

وأضاف “نحن لا ننام ولا نأكل وليست هناك أدوية، وإذا ذهبنا إلى المدينة سيقبض علينا الأمن ويأمرنا بعدم القدوم إلى هناك”.

 

من جانبه، قال سوكو كامارا، من غينيا، إنه يعيش منذ عامين في تونس، لافتا إلى أنه ترك بلاده بسبب الوضع فيها.

 

وأضاف “نحن هنا لضمان مستقبلنا وليس لإزعاج الآخرين.. كلنا أفارقة، عانينا كثيرا وحتى إن فعل شخص ما شيئا سيئا لماذا نحاسب جميعا”.

 

وتابع كامارا “النساء الحوامل عندما يمرضن لا نعرف ماذا نفعل ولا يتم قبولهن في المستشفيات ويقبض علينا إن ذهبنا، وإذا ذهبنا إلى المقهى يأخذون كل هواتفنا”.

 

وبيّن كامارا أن هجرته من بلاده هي بسبب ما يكابده من شقاء وسوء أوضاع هناك.

 

عدد المهاجرين غير النظاميين في صفاقس يقدّر بنحو 17 ألف أفريقي مهاجر، من إجمالي 80 ألف مهاجر في كامل البلاد

 

وقال “لا أريد العودة إلى بلدي لأنني أريد مساعدة عائلتي هناك”.

 

وأضاف “نطلب من تونس وكل الحكومات أن تساعدنا وتفسح لنا الطريق للوصول إلى إيطاليا”.

 

وتابع “نطلب الصفح من كل التونسيين ليسمحوا لنا بالذهاب إلى الضفة الأخرى”.

 

ندم.. وأمل

محمد أمين من كوت ديفوار قال “أنا هنا منذ سنة وكنت في ليبيا. لو كنا نعرف ما سيحدث لنا في تونس لبقينا في ليبيا”.

 

وأضاف أمين “عندما نذهب لشراء شيء من دكان يضربنا الأمن بعصا، أنا ضربني 3 من رجال الأمن وأصبت بكسر وهذه شماتة”.

 

وفي السابع عشر من سبتمبر الماضي، أخلت قوات من الأمن التونسي ساحة عامة وسط مدينة صفاقس (جنوب) من المهاجرين غير النظاميين من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء، والذين تواجدوا فيها منذ أكثر من شهرين.

 

وقالت وكالة الأنباء الرسمية التونسية، آنذاك إن “وحدات من وزارة الداخلية أخلت ساحة رباط المدينة بمنطقة باب الجبلي وسط صفاقس من المهاجرين غير النظاميين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يتجمعون بالمكان منذ ما يزيد عن شهرين كاملين”.

 

وأوضحت الوكالة أن هذا الإخلاء جاء في “إطار الحملة الأمنية واسعة النطاق، التي تنفذها وحدات وزارة الداخلية منذ يومين بولاية صفاقس”.

 

اقرأ أيضا:

• منطق "الموظف" في معالجة الهجرة السرية

 

وفي الثالث من يوليو الماضي، شهدت صفاقس حالة من الاحتقان تطورت إلى مواجهات عنيفة بين سكان المدينة والمهاجرين المقيمين بها، على خلفية مقتل الشاب التونسي نزار العمري (40 سنة) على يد مهاجرين غير نظاميين.

 

وعقب مقتل العمري، اندلعت اشتباكات وأعمال عنف في المدينة وقطع للطرق وحرق للعجلات المطاطية ومناوشات مع قوات الأمن، في وقت طالبت فيه هيئات مدنية ومنظمات غير حكومية بتهدئة الأوضاع وضمان أمن المهاجرين والتونسيين على حد سواء.

 

وبعد الحادثة، خرج المئات من المهاجرين من صفاقس باتجاه ولايات تونسية أخرى، فيما فضّل آخرون البقاء في حدائق المدينة وساحاتها دون ملجأ بعد طردهم من منازلهم ومواقع عملهم.

 

وتعاني صفاقس من وجود أعداد كبيرة من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الراغبين باجتياز الحدود البحرية باتجاه أوروبا، حيث لا تبعد المدينة كثيرا عن سواحل مالطا وجزيرة صقلية الإيطالية.

 

وقدر وزير الداخلية التونسي كمال الفقي عدد المهاجرين غير النظاميين في صفاقس بنحو 17 ألف أفريقي مهاجر، من إجمالي 80 ألف مهاجر في كامل البلاد.

 

ومنذ فترة تشهد البلاد تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلد الأفريقي ودول أخرى.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي