الرئيسية > دنيا فويس > لبنانيون يرتادون منتجعات التزلج بعيدا عن التوتر

لبنانيون يرتادون منتجعات التزلج بعيدا عن التوتر

بعد تأخر موسم التزلج وعلى عكس السنوات الماضية، في لبنان البلد العربي الوحيد الذي يستضيف شتاؤه هذا النوع من الرياضات، اكتظت منتجعات التزلج بالرواد.

 

في منتجع جبلي مكتظ بالروّاد بعيدا عن تبادل القصف اليومي على الحدود بين إسرائيل وجنوب لبنان، يسعى البعض إلى المضي بحياتهم والاستمتاع بالثلج والتزلج.

 

وتقول تالا أسعد المقيمة في بلدة شحيم جنوب بيروت (17 عاماً) لوكالة فرانس برس “التزلّج بمثابة متنفس لننفصل عن الأجواء التي نعيشها وعن دوي الغارات” الإسرائيلية. لذلك قصدت هذا المنتجع الواقع على بعد عشرات الكيلومترات شمال شرق بيروت.

 

وفي مرتفعات بلدة كفردبيان الواقعة في سلسلة جبال لبنان الغربية، يقول لبنانيون آخرون إن ارتياد المناطق الجبلية المكسوة بالثلج للتزلج أو التنزه يشكّل فسحة للتوقف ولو مؤقتاً عن متابعة نشرات الأخبار. وتروي أسعد كيف سمعت وعائلتها ارتدادات ضربات إسرائيلية طالت الأسبوع الماضي منطقة صيدا في عمق الجنوب، “اهتزّ المنزل بنا”.

 

ومنطقة كفردبيان تبعد عن العاصمة بيروت حوالي 44 كيلومترا، ويصل ارتفاعها إلى 2800 متر عن سطح البحر، حيث يقع فيها واحد من أكبر مراكز التزلج في لبنان، وهو مركز “مزار”.

 

وفي منتجع المزار الواقع على بعد عشرات الكيلومترات عن أقرب نقطة حدودية، يقف المتزلجون كبارا وصغارا في صفّ طويل في انتظار الصعود الى المحطات وترتفع أصوات قهقهة الروّاد بين الحين والآخر.

 

ويقول إدوين جاركيديان (21 عاماً) لوكالة فرانس برس “يبقى الخوف قائماً، لكنك تعتاده”. ويتابع “كان الخوف أكبر عند بدء التصعيد، لكن إن واظبت على التفكير بذلك، ستتوقف عن عيش حياتك”.

 

ودفع التصعيد عشرات الآلاف من السكان على جانبي الحدود الى إخلاء منازلهم. ففي لبنان وحده، نزح أكثر من 89 ألفاً من بلداتهم الحدودية مع إسرائيل والتي تحوّل بعضها الى ركام جراء الضربات المتكررة. وتسبّب التصعيد كذلك بمقتل 284 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من مقاتلي حزب الله وبينهم 44 مدنياً، وفق حصيلة جمعتها فرانس برس.

 

وتسود خشية محلية ودولية من توسّع تبادل القصف عبر الحدود إلى مواجهة واسعة بين حزب الله وإسرائيل حيث خاضا حرباً مدمرة في صيف 2006.

 

وتقول مسؤولة التطوير والتسويق في منتجع مزار نيكول واكيم لفرانس برس إن الإقبال على التزلج “يسجّل ارتفاعاً” هذا الموسم، رغم أن عدد السياح انخفض مقارنة مع العام الماضي.

 

وترى أنّ اللبنانيين “في حاجة إلى الهروب للجبال لكي ينسوا ما يحصل في الجنوب، لأننا لا نعلم كيف يمكن أن يتطور الوضع”.

 

واصطحب مارسيل سمعان (41 عاماً) أطفاله الثلاثة لممارسة رياضة التزلج في منطقة كفردبيان التي غطى الثلج مرتفعاتها واختارتها جامعة الدول العربية السبت عاصمة للسياحة الشتوية.

 

ويقول الرجل الذي اختبر سنوات من الحرب “عشنا حياة الحرب ولا نريد لأطفالنا أن يعيشوا اليوم التجربة ذاتها”. ويضيف “بالتأكيد قلوبنا معهم (سكان الجنوب) لكننا نودّ أن نعيش حياتنا”.

 

ويتزامن التصعيد جنوباً مع مرور أربع سنوات من انهيار اقتصادي غير مسبوق، باتت معه غالبية سكان لبنان تحت خط الفقر وبالكاد قادرين على توفير احتياجاتهم.

 

وبات التزلج بطبيعة الحال ترفاً بالنسبة إلى شريحة واسعة من اللبنانيين في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور نحو مئة دولار مع تدهور قيمة العملة الوطنية خلال السنوات الأخيرة. ويقول سمعان إن كلفة قضاء يوم تزلج مع عائلته تتجاوز 150 دولارا، وهو ما يعادل راتبا شهريا لجندي أو مدرّس في القطاع الرسمي.

 

 

ورغم أن القطاع السياحي ساهم بشكل إيجابي في تحقيق نمو اقتصادي خلال الفترة الماضية، إلا أنّ البنك الدولي توقّع في تقرير أصدره في نهاية 2023 أن يعود الاقتصاد إلى حالة الركود، على وقع غياب الاستقرار الاقتصادي وانعكاسات الحرب الدائرة في قطاع غزة والتي شكّلت “صدمة إضافية كبيرة” لنموذج النمو الاقتصادي اللبناني.

 

وترى سارة جمعة التي اصطحبت أطفالها الى كفردبيان وهي لبنانية مقيمة في البارغواي “من يأتي إلى هنا، لا يشعر صراحة بأزمة اقتصادية أو سياسية”. وتضيف “كما لو أن الجنوب ليس جزءاً من البلد”.

 

وذكر مطلعون أن قرابة 90 في المئة من دول العالم تمنع رعاياها من القدوم إلى لبنان بسبب التخوف من التطورات الأمنية والعسكرية، وفق بيان صادر عن رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر.

 

ويتميز لبنان بمناخه وطبيعته الجبلييْن، ما يتيح له أن يكون مقصدا لمحبي رياضة التزلج في مناطق عديدة، مجهزة بشكل عالي المستوى، ومنها فاريا التي تعتبر إحدى نقاط جذب المتزلجين العرب والأجانب واللبنانيين على حد السواء.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي