مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)

توفيق السامعي
الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٠ صباحاً

الحوثيون يفوقون من سبقهم إجراماً وإرهاباً

على الرغم من استعراضنا تدمير الإمامة عبر التاريخ منازل اليمنيين ومساجدهم ومزارعهم، في سبع حلقات متتالية، إلا أن امتداد تلك الآفة الإجرامية وهي الحوثية اليوم، فاقت كل جرائم الإمامة منذ ألف ومائتي عام وحتى اليوم، ولا تكفيها حلقات متتالية للتبع والرصد، وإنما أسفار من كتب، لتوثيق كل جرائمهم التفجيرية. من أبرز جرائم الحوثية وإرهابها أنها لم تكتف بتفجير المنازل بعد نهبها، بل فجرت بعضها على رؤوس ساكنيها ودفنتهم أحياءً وأمواتاً تحت أنقاض وركام منازلهم المفجرة، وهو ما سنستعرضه في هذه الحلقة كنموذج فقط، في بضع نقاط، أما جرائمهم في هذه الجزئية فلا حصر لها. أكثر من ألف منزل للمواطنين فجرتها ودمرتها المليشيا الإرهابية الحوثية، في كل اليمن، ناهيك عن آلاف غيرها تم نهبها أو احتلالها، ودمرت أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة مدرسة، وقرابة ألف مسجد دمرها الإرهاب الحوثي، ناهيك عن ارتكاب ما يقارب ثلاثة آلاف وخمسمائة انتهاك بحق المساجد، بحسب منظمات حقوقية.

جريمة رداع الأبشع بين كل الجرائم الحوثية في العاشر من رمضان عام 1445 أقدمت مليشيا الحوثي الإرهابية على تفجير 8 منازل في حي الحفرة بمدينة رداع من محافظة البيضاء، منها منزلان دمرا على رؤوس ساكنيها، أسفر عن مقتل 9 ضحايا بينهم أطفال ونساء، ناهيك عن 9 جرحى أيضاً.  ووفقاً لموقع "مارب برس" الإخباري فقد نشرت منظمة "مساواة" أسماء 9 قتلى من ضحايا هذه الجريمة. ووفق المنظمة فإن جميع هؤلاء من أسرة المواطن محمد سعد اليريمي، الذي توفي هو وزوجته وجميع أطفاله وهم:  - سعد محمد اليريمي (33) عاما  - علي محمد اليريمي (22 ) عاما  - جبلي محمد اليريمي (18) عاما - رمزي محمد سعد اليريمي (15) عاما - مبروكة محمد سعد (19) عاما - كريمة أحمد العدادي (زوجة إبراهيم محمد سعد اليريمي، الذي أصيب أيضاً في الجريمة). فضلاً عن 9 جرحى آخرين من نفس أسرة اليريمي وأسر أخرى وهم: خيرية الفارع (30) عاما، وإصابة أطفالها الثلاثة بجروح خطيرة هم الطفل إبراهيم سعد محمد سعد اليريمي (عامين)، ولطفية سعد محمد سعد اليريمي (5) سنوات، ومحمد سعد محمد سعد اليريمي (9) سنوات، وكذا الحاج أحمد الخلبي (60) عاما الذي تم انتشاله من تحت الأنقاض مع زوجته عائشة الخلبي (55 ) عاماً، فيما اختطف الحوثيون نجله علي أحمد الخلبي وهو في حالة خطرة.

هذه الحادثة استفزت الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، وكذا الأوساط السياسية والحقوقية محلياً وإقليمياً ودولياً كونها أتت في ظرف حساس حاولت فيه المليشيا الإرهابية استثمار حرب غزة لتحسين وجهها القبيح الذي أسقطت القناع عنه هذه الجريمة، على الرغم من جرائم مماثلة لها سبقتها دون الاكتراث لها. سارعت المليشيا الإرهابية الحوثية لمحاولة طمس الجريمة، ولأول مرة تحملت مسؤوليتها وقامت بتعويض الضحايا مالياً امتصاصاً للغضب الجماهيري والإقليمي والدولي من تلك الجريمة ومقارنتها بجرائم الاحتلال الصهيوني بحق سكان غزة ووضعهما في خانة واحدة، بينما لم تكترث بجرائمها المماثلة في تعز وصعدة وذمار، كان الأبشع منها جريمتهم بحق آل الحبيشي في 21 مارس 2011 في صعدة، كما سنوضح تفاصيلها لاحقاً. أعادت هذه الجريمة الحوثية كل جرائمها إلى الصدارة من جديد، ومضى الجميع ينبش في جرائمهم عبر التاريخ، كما مضينا في استعراض جرائم الإمامة منذ منبتها والتمهيد لها في اليمن عبر أول مصدر لها هو إبراهيم الجزار، مروراً بالتقعيد لها وتأصيلها من قبل أبيهم المؤسس لكل هذا الإرهاب يحيى بن الحسين الرسي منذ مجيئه إلى اليمن عام 284 هجرية. فمنذ تمردهم الأول على الدولة عام 2004 بدأت المليشيا الحوثية في تصفية خصومها من القبائل التي ساندت الدولة أو حتى وقفت على الحياد، وبدأت في مصادرة أموالهم وتفجير وتدمير منازلهم ومصادرة أراضيهم ومزارعهم وتشريد القبائل من صعدة، ومن رفض الخروج من منطقته خضع للإرهاب والبطش الحوثي واستسلم لمنهجهم العنيف وقبل الذلة والخضوع لهم، يعيش على الكفاف، بينما أموالهم مصادرة ورجالهم إما قتلى أو مشردين ومن بقي منهم لم يبق إلا الضعيف المستكين الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا. كثيرة هي المنازل والعقارات التي تم تفجيرها وتدميرها من قبل المليشيات الحوثية وعلى رأسها منازل آل مجلي في صعدة، ومنازل صغير عزيز في سفيان، وآل الأحمر في الخمري وعمران، وكثير من منازل المواطنين الصعداويين. بعد أن خرجت المليشيات الحوثية من صعدة بعد أن بسطت كامل نفوذها عليها كانت في طريقها إلى صنعاء تدمر المنازل وتفجر المدارس والمساجد السنية ومدارس تحفيظ القرآن والمعاهد العلمية وحتى بعض المدارس الحكومية النظامية والرسمية، كمدارس همدان وغيرها. وفي أكتوبر من العام 2014، فجرت المليشيات منزل الشيخ علي مسعد بدير، رجل الخير في مديرية يريم ومؤسس جمعية الأيتام، كما فجرت منازل إخوانه. ورصد تقرير حقوقي صادر عن "الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل"، فإن مليشيا الحوثي الإرهابية ارتكبت 810 جرائم تفجير منازل، موزعة في 17 محافظة، خلال الفترة من 1 سبتمبر 2014 وحتى 30 يونيو 2020، وبقي عدد جرائم التفجير بعد عام 2020 إلى اليوم عام 2024، ناهيك عن عدد المنازل التي فجرتها المليشيا الحوثية في صعدة منذ عام 2004، وكذلك المنازل في حجة والجوف وعمران قبل انقلابها على الدولة في 21 سبتمبر 2014. وفي أكتوبر من عام 2014 فجرت المليشيات منزل الشيخ علي مسعد بدير، رجل الخير في مديرية يريم ومؤسس جمعية الأيتام، بعد قتله وبعض إخوانه وطفله أسامة الذي فخخت جثته، كما فجرت منازل إخوانه.  وفي نفس الشهر فجرت منزل الشيخ عبد الواحد الدعام في مديرية الرضمة. وفي أبريل 2015، فجرت المليشيات منزل الشيخ حمود نعمان البرح في مديرية القفر. وفي مايو 2015، فجرت منزل الشيخ الأستاذ محسن الحماطي في مديرية المخادر. وفي أغسطس 2015، فجرت منزل الشيخ عبد الرحمن العماد في مديرية الرضمة. وقامت المليشيات الانقلابية بتفجير منزل يعود للقيادي في مقاومة عتمة عبدالرحمن معوضة، وكذا محلات تجارية في سوق الثلوث، بعد أن انسحبت منه المقاومة بشكل جزئي( ).

جريمة تفجير بيت الحبيشي على رؤوس ساكنيها كانت هذه الجريمة المنسية اليوم هي أبشع جريمة للحوثية بحق الأطفال والنساء غدراً وتفجيراً وإرهاباً..حاولنا حينها التواصل بأحد أقارب الأسرة المنكوبة لمعرفة التفاصيل، وقمنا بتوثيقها في تلك الأثناء، بحسب رواية أحد أقاربهم. لنستعرض هذه القصة المؤثرة لأسرة الحبيشي في صعدة مع أتباع الحوثي، كنموذج بشع شاهد على إجرامهم الذي لم يحصل من قبل، ولتبقى شاهدة على العصر الحوثي وجرائمه التي لا تحصى، وأترككم مع القصة كما وردت بلهجتها العامية دون تصحيح. محمد علي الحبيشي، من محافظة إب، انتقل بأسرته إلى صعدة وسكن في حارة درب المام، وعاش بانسجام مع المجتمع هناك، وخلف أولاداً وبنات، وزوج بناته على أشخاص من صعدة.  حتى جاء الحوثي من كهوف مران ودخل صعدة بتاريخ ٢١ مارس ٢٠١١ . قالت زوجة الحبيشي: كنا نسمع رصاص، اتصلت لابني.. ما في يا ابني؟ قال ما فيش شيء، اجلسوا هذه الدولة والحوثي. قالت شوية وجاء اثنين يدقوا الباب ويقولوا لنا افتحوا خبونا من الرصاص. قالت فتحنا لهم وخليناهم في الدور الأول.  قالت كان معها طفلة بها تشنج أخذتها إلى غرفة داخلية.  وبناتها واولادهن جالسين في أمان الله، قالت ساعة إلا وسمعت انفجار وفقدت وعيي وما صحيت إلا واني بين الانقاض والناس محلقين علينا. قالت: سألتهم.. ما في؟ قالوا الحوثي فجر البيت.  قالت: وكان في واحد من عيال احسن اسماعيل المداني ماسك للبندق لظهري ويصيح لاخوه ويقول له: امي هندية امي هندية ( يقصد زوجة الحبيشي الي تحدثنا بالقصة) قالت: رد عليه اخوه، ما نشتي امي هندية نشتي عيالها.  قالت وكانت البنات يصيحين من تحت ركام البيت وهم يمنعوا الناس من انقاذهن وما سمحوا بإخراجهن إلا اليوم الثاني بعدما مات الجميع.  فجروا البيت وبداخلها ١٦ شخصا كلهم نساء وأطفال عدى اثنين. ماتت سبع نساء وخمسة أطفال والرجلان الذي اختبأوا في بيت الحبيشي.  سألت العجوز زوجة الحبيشي: ليش الولد كان يقول امي هندية؟ ليش يدعيك بامي؟  قالت: هذا ابن احسن المداني، وكانوا جيراننا، واني كنت اربيهم واعتني بهم واعطيهم كل شيء، وكانوا هم وعيالي مثل الاخوة، حتى الثياب كانوا يلبسوا هم وعيالي مع بعض. اني ربيت واكلت وشربت وغسلت وفي الأخير جاءوا وفجروا البيت فوق بناتي. هذا نموذج واحد فقط من نماذج الغدر والإجرام لديهم. 

...يتبع الحلقة الأخيرة

الحجر الصحفي في زمن الحوثي