الرئيسية > محليات > اللجنة الوطنية للتحقيق تلتقي قيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية بالجوف

اللجنة الوطنية للتحقيق تلتقي قيادة السلطة المحلية والأجهزة الأمنية بالجوف

" class="main-news-image img

سليمان.. نازح يمني انتهى به الحال في مسشتفى للأمراص النفسية

لا يمكن لأي توصيف أن يلخص مفاهيم مثل "التشرد"، و "النزوح" أو يلامس الحياة البائسة التي يعيشها من وقع عليهم قدر الترحال بعيدا عن ديارهم بفعل الحرب الملتهبة في البلد، والتي فرضت النزوح على ثلاثة ملايين يمني يتقاسمون أسوأ المعاناة على الاطلاق في تاريخ البلاد.

قادت الحرب المشتعلة في البلاد منذ ما يربو على أربعة أعوام أغلب اليمنيين في سكة تحفها المخاطر، كان النازحون أكثر الناس الذين ألقيت عليهم مهمة المتاعب في أصقاع غير مأهولة في البلد وجدوا فيها مأوى يخفون فيه قصص بؤسهم.

في مستشفى بمدينة تعز جنوبي غرب البلاد، يُعرض مكتوبا على لوحته الخارجية "مستشفى الأمراض النفسية" يعلو الضجيج بين نزلائه بمجرد الاقتراب أمتار منهم، هنالكآ  يعيش اليوم الشابآ  سليمان بعد أن ضاقت بهم أماكن المدينة كلها.

لم يكن يفترض بسليمان أن يكون هنا، فهو جندي في قوام قوات الجيش اليمني خدم سنين في العسكرية، غير أن ظروفه تغيرت كليا بفعل الحرب ودخل في أزمة نفسية نقل على إثرها إلى المستشفى النفسي.

يشير سليمان إلى أن الحرب التي نقلها الحوثيون قبل عامين الى بلدته المسماة "الوازعية" وهي إحدى بلدات محافظة تعز وتقع عند الأطراف الجنوبية الغربية بمحاذاة محافظة لحج. يشير إلى أنه لم يكن يتخيل " أن أشرد أو اترك منزلي أنا وجميع أفراد أسرتي ليس لدينا مكان أخر وبالمقابل لم يكن لدينا خيار أخر سوى الرحيل فالحرب لاترحم أحدا".

الهجرة الى المجهول التي سلك سليمان طريقها من أكثر المديريات التعزية اضطرابا نتيجة تركيبتها القبلية، شاركه فيها ثلاثون الف أسرة وفق إحصائية غير حكومية، وكل هؤلاء يطمحون اليوم بالعودة إلى ديارهم بعد أن تم طرد الحوثيين منها.

وفي معرض شغفه لسرد قصته يبدي سليمان تفاصيل حياته دون نسيان شيء، فهو يقول :" في بادئ الأمر بعد نزوحي أنا وأفرد أسرتي وعشرات الأسر مثليآ  نزحنا إلى منزل أحد الأقارب لكن لم يتحمل الرجل مكوثنا طويلا في منزله، لم يكن لدينا حلا سوى البحث عن منزل أخر فنحن كنا لا نمتلك مالا حتى نستأجر منزل". وانتهى الحال باسرته في دكان صغير تبرع به فاعل خير لهم.

يصف الجندي المرمي في مستشفى نفسي المكان الذي نزح إليه "الدكان" بالحظيرة، وهو بذلك يختصر حجم المعاناة التي ذاقوها في ذاك الحانوت الضيق. ويضيف : " كنت أنا ووالدتي وسبع من أخواتيآ  وأربعة من أخواني نعيش في تلك الحظيرة، الذي تبرع به لنا فاعل خير بعدما مكثنا ليلتين كاملتات في الشارع أنا وجميع أفراد أسرتي وعدد من الأسرة التي كانت تبحث عن مأوى مثلناآ  فكنا نحرس النساءآ  بالليل في نومهن فنتبادل الأدوار في اليوم التالي في الصباح فننام قليلا متناسين وجبات الأكل وحتى لانشعر بالجوع والعطش".

وفي ذلك السجن الذي ليس له بواب ولا حارس لم يكن ثمة دورة مياه ولا مكان يتسع للجميع، واضطر الذكور أن يبقوا حراس في الخارج لحراسة النساء في الداخل. يستانف سليمان " بعد صمت طويل لم أتحمل كل ما حدث تعبت جدا مرت علينا أيام ما كنا نأكل غير عصيدة (وجبة شعبية تصنع من الدقيق والماء المغلي على النار) كان يجيبها لنا الجيران".

شهور طويلة حاول سليمان متنقلا بين الأماكن المتباعدة أن يجد لنفسه عملا يوفر له المال، لكنه يئس ولم يجد فرصة تنتشله من وضعه،آ  حتى وصل بهم الحال الى الاعتداء على امه واخواته اللاتي تعرضن للضرب المبرح، ولمرات حاول الانتحار بسبب الضغوط النفسية.

بدورها تقول الدكتورة ابتسام مديرة مركز الأمراض النفسية والعصبية إن الحرب سببا رئيسا في تزايد أعداد المرضى النفسيين وأنها تمثلت في دخول كثير من المرضى الذين أصيبوا بحالات نفسية فتعددت الحالات منها اكتئاب والفصامآ 

وأكدت الدكتورة ابتسام أن للإطفال نصيبا من من هذه الحرب ومضاعفة إثارها لديهم كالتبول اللإرادي والقلق المستمر والخوف والاكتئاب.

قصة سليمان ليست بالأمر الهين، وهي ليست الوحيدة في ملف الإنسانية في اليمن، بل ثمة مئات القصص المشابهة التي ولدتها الحرب وما زالت رقعتها تتوسع في الوسط اليمني.

وتقول دارسة محلية حديثه لمؤسسة التنمية والإرشاد الأسري أن عدد المتضررين نفسيا بسبب الحرب التي اشعلتها ميليشيات الحوثي الانقلابية يقدر بخمسة ملايين و455ألفًا و٣٤٧شخصًا من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية، يتوزعون في المدن الأكثر سكانية كالعاصمة صنعاء وتعز والحديدة وإب وذمار، فيما كانت أعداد المرضى في السابق لا يتجاوز نحو المليون ونصف المليون مريض نفسي في اليمن بينهم خمسمائة الف مريض ذهني.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي