عذراً فخامة الرئيس هادي (١-٢)

د. عبده مغلس
الاثنين ، ١٨ مارس ٢٠١٩ الساعة ٠١:٢١ صباحاً


المتابع لبعض ما يُكتب يجد أن هناك حملة إفك ظالمة مسعورة، تستهدف فخامة الرئيس هادي الشرعية والمشروع وتحميله مسؤولية قبح أفعالنا وخياراتنا وقراراتنا وأخطائنا من تقصير في الأداء أو فساد في العمل، وليس غريباً أن تأتي الحملة من إنقلاب الإمامة وأنصارها،فهم بطبيعة معتقدهم يكرهون الرئيس هادي الذي قدم لليمن مشروع زوال العصبية الإمامية وولاية الفقيه، وليس غريباً أن تأتي الحملة من أنصارالرئيس السابق وسلطته القبلية،فهم يكرهون الرئيس هادي لأسقاطه سلطة الفيد والعصبية القبلية ودورها في صناعة الدولة وحكمها وفيد الدولة والوطن،كما أنه ليس غريباً أن تأتي الحملة من أنصار مشروع الإنفصال فهم يكرهون الرئيس هادي لتقديمه مشروعاً نسف وهم الإنفصال وحكم العصبية المناطقية، 
وليس غريباً أن تأتي الحملة من أنصار التطرّف والإرهاب فهم يدركون أن شرعية الرئيس هادي ومشروعه يلغي ضلام الجهل والتخلف الذي يستمدون منه حراكهم وتحركاتهم، فكل هذه المشاريع تستهدف الشرعية ومشروعها، لكن الغريب مشاركة أنصار ومسؤولي بعض مكونات الشرعية في حملة الإفك متغافلين عن مشاركتهم بالمسؤولية مع الشرعية وذلك لسببين الأول تصورهم بأنهم أذكيا ليشاركوا بالمغانم دون المغارم  وتحمل المسؤولية، الثاني عدم إيمانهم بمشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة،فلديهم مشاريعهم الخاصة وعملهم مع الشرعية يعتبرونه وسيلة لتحقيقها،ولهذالا نجدهم يوجهون جهد أنصارهم لمهاجمة المشاريع المضادة من إنقلاب وانفصال وارهاب، كما لا نجد مسؤولاً منهم يمتلك شجاعة الإعتراف، بأن ما يحدث من تقصير أو فساد هو مسؤولية من يمارسه أياً كان، أو يقول كلنا مسؤولون عن هذا، كما لا نجد المنتمين لهم يكتبون بإنصاف وموضوعية عن الشرعية والمشروع، بل نجدهم متهالكين على المشاركة في السلطة وأخذ ما يمكن أخذه ،والهروب من تبعات تحمل مسؤوليتها ومغرمها، وهذا يشكل أحد أبرز مظاهر نكبتنا الثقافية،فلقد تخلينا عن منهج الله في القسط والإنصاف وإيفاء الكيل والميزان والقول العدل،فلا وجود للوفاء بعهودنا ولا للقسط في أقوالنا وأعمالنا وشهادتنا، متناسين بأن لهذا المنهج هيئة رقابية عادلة تسجل علينا كل أعمالنا،(هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثية ٢٩.
فكل أعمالنا من قول وفعل تُسَجَّل علينا وسنُسأل عن ذلك.
علينا أن ندرك بأن فخامة الرئيس هادي ليس مسؤولاً عن الجيش والأمن الطائفي والقبلي الذي بناه الرئيس السابق، وانضمامه بقظه وقضيضه إلى معسكر السيد وانقلابه، فهم اختاروا مع زعيمهم هذا الموقف، والرئيس هادي ليس مسؤولا عن المشايخ والقبائل الذين اصطفوا مع الإمامة وانقلابها،فأختاروا البقاء عُكفة لإمامهم رافضين الحرية والجمهورية، والرئيس هادي ليس مسؤولاً عن ثقافة الفيد والغنيمة والجشع المتجذرة عند الخائنين والبائعين لأوطانهم وشعوبهم ومستقبل أبنائهم من أجل المال،فهذه ثقافتهم وخياراتهم وقراراتهم، الرئيس هادي ليس مسؤولاً عن صراعات المكونات السياسية التي شغلتهم عن مواجهة عدوهم المشترك فهذه الصراعات ضمن ثقافتهم بعدم القبول بالأخر وتعصباتهم بمختلف مسمياتها، ولم يستطيعوا نسيانها لاستعادة الدولة والوطن وبناء المستقبل.
الرئيس هادي ليس مسؤولاً عن عدم إخلاصهم لعملهم في مناصبهم ومواقعهم فهذه ثقافة تربوا عليه وسلوكا نشأوا به،الرئيس هادي ليس مسؤولا عن الفساد الذي ينخر في المجتمع منذ الإمامة وشعار (حق إبن هادي) الى سلطة الرئيس السابق وشعار (رجال واحمر عين)،الرئيس هادي ليس مسؤولاً عن ثقافة الفيد والغنيمة التي هي جزء من المكون الثقافي للمجتمع بقبائله وأحزابه ومثقفيه وسياسييه، فثقافة الفيد والغنيمة هي توجه وتحرك سلوك غالبية الناس،علينا أن ندرك أن الرئيس هادي يرأس الشرعية بكل أطيافها التوافقية من مكونات القوى السياسية والإجتماعية، وفقاً للمبادرة الخليجية وأليتها التنفيذية،وكل المسؤولين ينتمون لمكوناتها،فتقصير أي منهم أو فساده مسؤوليته ومسؤولية المكون المنتمي له، والقادة العسكريين الذين يأتمرون لمكوناتهم ولا يأتمرون للعسكرية والواجب وشرفهما، هم المقصرون والمسؤولون عن أي خلل في جبهاتهم،
فهذه خياراتهم وثقافتهم لم يجبرهم الرئيس هادي عليها، فهي ضمن مسؤوليتهم ومسؤولية مكوناتهم الأخلاقية والسياسية والقانونية، وفي جانب أخر هناك ناس اختاروا الشرعية والمشروع وقاتلوا وصمدوا في وجه إمامة الحوثي وإنقلابه ومليشياته، وفي وجه مشروع الإنفصال ومخاطره، ومشروع الإرهاب ومخاطره، وواجهوا هذه المشاريع بأقل الإمكانيات والتكاليف، فهم أيضاً من الناس ومن المجتمع، لكنهم أختاروا المواجهة بقناعة وإيمان، للدفاع عن قيم الدين والوطن والجمهورية والحرية والوحدة، ورفضوا بقناعاتهم الإيمانية أن يكونوا عُكفة للإمامة أو خاضعين لها، كما رفضوا أن يكونوا بائعين لوطنهم وشعبهم ودينهم، لمشاريع لا تريد خيراً لليمن الوطن والمعتقد والشعب، ولم يكونوا أدوات ولا لعقولهم وبنادقهم مؤجرين، لم يطالبوا بميزانيات ضخمة وعتاد وسلاح أضخم ليقاتلوا عدوهم، هم اختاروا الخيار الصالح لهم ولعقيدتهم ولشعبهم ووطنهم، بينما الأخرين اختاروا الغنيمة والفيد مقابل خسارتهم لأنفسهم وكرامتهم ووطنهم ومستقبل أجيالهم، الوضع في مجمله خيارات الناس بين الغنيمة والوطن،وعِبَر التاريخ حول نتائج هذه الخيارات كثيرة وكارثية، فلقد هَزم خيار الغنيمة والفيد في أُحد أعظم خلق الله نبيه ورسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام، ودورات التاريخ تُكرر المشهد بصور وبلدان متعددة، ولا تخلوا بعض القوى والمكونات المشاركة في الشرعية من وجود بعض أفرادها المنتمين لثقافة الفيد والغنيمة،والذين اختاروا الغنيمة والفيد وممارسة الفساد على حساب الشرعية والمشروع،لذا فالقوى والمكونات المشاركة في الشرعية هي المسؤولة عن خيارات أعضائها وفسادهم وليس الرئيس هادي،عليهم أن يطلبوا تغيير وإقالة ومحاسبة الفاسدين والمقصرين من منتسبيهم، فصمتهم عن المسؤولين والقادة المقصرين والفاسدين من منتسبيهم يعتبر قبول ومشاركة منهم لممارساتهم.
إنها مسؤوليتنا وثقافتنا وخياراتنا فنحن المسؤولين عنها وليس الرئيس هادي.
يكفي الرئيس هادي أنه أوجد مشروع بناء اليمن الإتحادي الذي منع الإستئثار بالسلطة والثروة لأول مرة في تاريخ اليمن ورفع الظلم عن كل ابنائه،وحررهم من هيمنة ثقافة الفيد والعصبية بمختلف مسمياتها سكالاً وجنوباً،يكفي الرئيس هادي أنه أوجد من العدم حكومة وتحالفاً وجيشاً وسلحه وتسلمت قيادته عناصر عسكرية من هذه المكونات، يكفي الرئيس هادي أنه حافظ على الشرعية وسلامتها، يكفي الرئيس هادي أنه صمد وقاوم وضحى بالأخ والقريب في سبيل اليمن ومشروع خلاصها، يكفي الرئيس هادي أنه أوجد تحالف داعم للوطن بشرعيته ومشروعه، ألم تتحرر المناطق بفضل الرئيس هادي وشرعيته وبشخصه وحنكته وإدارته للصراع، فلقد سقط الوطن كله بسلطته ودولته وشعبه بيد مشروع الإنقلاب، من مِن الذين يتغنون اليوم بالتحرير أوجد التحالف الذي حررهم بقيادة المملكة الشقيقة والذي قدم الدعم بكل أنواعه من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل وبرامج إعادة الإعمار وبرنامج مسار لنزع الألغام، لقد سلم  الرئيس هادي مكونات الشرعية مناصبهم ومواقعهم وفق التوافق، هذه خيارات فخامة الرئيس هادي وتلك قراراته.
وفي المقابل انظروا ماذا تفعل في الشرعية والوطن خيارات بعض المكونات وصراعاتهم من تأجيل للحسم واستمرار للمعاناة،فهذه خياراتهم وقراراتهم.
من العيب أن يوجه لفخامة الرئيس هادي اللوم في خياراتنا وقراراتنا وما ينتج عنها، ومن العار وعدم العدل والوفاء أن تجعله هذه المكونات شماعة لأخطائها وخيارتها وقُبحها،على جميع مكونات الشرعية ومنتسبيها تحمل مسؤوليتهم  وليحاسبوا أنفسهم فتلك مسؤوليتهم.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي