خاشقي والمآسي الدولية

محمد قشمر
الثلاثاء ، ٣٠ اكتوبر ٢٠١٨ الساعة ١٠:٥٠ صباحاً


سأحاول أن أنظر في هذا المقال إلى عملية قتل الصحفي السعوي خاشقجي من زاوية ٍ أخرى، سأحاول أن اتقرب إلى القضية من جوانب مختلفة لأني مدرك أن قضية جمال خاشقي رحمه الله لا تعدو أن تكون مسمار جحا الذي يتزلق به المتشدقون بالحقوق والحريات وهم ينسفونها من الأساس. وكما نتفق جميعأً بأن قتل خاشقي تعد عملاً مجرم شرعاً ونظاماً يستدعي معاقبة المرتكبين لتكل الجريمة. وهنا أتساءل كم عدد المرتكبين لتلك الجريمة؟ لأن أولئك الأصدقاء في الغرب الذي يكنون لنا الشر في نفوسهم عندما يتحدثون في هذه الفترة عن تلك القضية التي جعلوا منها حجر الزاوية في الإنسانية الدولية التي ينتهكونها كل يوم على مستوى لعالم ويشجعون بطرق أخرى كل منتهك لها يتحدثون عن الجريمة ثم يتدارسون كما يقول بعض قادتهم ما يمكن أن نفرضه من عقوبات على السعودية. ولا أدري بأي ميزان يمكن أن تتحقق العدالة بطريقة الاغتصاب الفكري والإنساني للحقوق والحريات باسم الإنسانية.آآ  السعودية تعهدت وبكل وضوح بمعاقبة كل المتورطين بتلك الجريمة الشنعاء، والذين في اقصى الحالات لن يتجاوز عدد المرتكبين لها الثلاثين شخصاً من السعوديين والأجانب او الأتراك على وجه الخصوص (وهذا افتراض)، فكيف يتجرأ الحمقى الدوليين على دراسة مقترحات لمعاقبة السعودية والتي تضم أكثر من خمسة وعشون مليون نسمة، بمعنى أن اليات العدل والإنصاف في نظرهم أن ينصفوا شخص بعقاب جماعي يضم الدولة وأبنائها وهذا بحد ذاته قمة الاستهتار الدولي بالإنسانية عموما ً.
من ينكر أن السعودية هي التي تقف كالطود محافظة على توازن أسعار النفط على المستوى العالمي. وهل يستطيع العالم الذي يهدد ويرعد أن يستغنى اليوم عن علاقته بالسعودية كعملاق نفطي يغطي نسبة كبيرة من احتياجات العالم من النفط. ماذا سيحل بالعالم لو أن المملكة العربية السعودية خفضت فقط انتاج النفط بنسبة 25% وكيف ستكون أسعار النفط في هذه الحالة؟ إيران ستبدأ العقوبات التي فرضتها أمريكا عليها وبالتالي لن يكون هناك مجال لتخفيض النفط السعودي لأنه سيؤدي لا محالة إلا تفاقم الأسعار التي ستؤثر سلباً على الحياة عامة في الدول التي تهدد اصلاً بعقاب الأرض التي منحتهم بركتها.
كم هي الدول العملاقة التي تتمنى أن تكون شريك رئيسي للسعودية، وان تكون المصدر الأول للسلاح وللمنتجات الأخرى اليها. طبعاً غير الولايات المتحدة الأمريكية التي قال الجبير وزير الخارجية السعودي بأن العلاقة السعودية الامريكية حديدية وذلك لقوة التبادل التجاري، والعلاقة الاقتصادية هي ركن هام في تلك العلاقة. فهل يستطيع ترامب أحمق أمريكا أن يضحي بمصالح الشعب الأمريكي في هذه القضية.
روسيا والصين على وجه الخصوص ينتظرون بفارغ الصبر أن تتجه العلاقات السعودية معهم إلى الأفق الذي سيساهم في زيادة القوة الاقتصادية لبلدانهم من خلال تقوية التبادل التجاري والعسكري معهم.
والكارثة أن كل الدول التي تضج الدنيا بتهديدها ووعيدها بحادثة قتل الصحفي جمال خاشقجي تتجاهل الاف بل وملايين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي معلوم من قام بها ومن يمارسها. بدأ العالم بالتجارة الإنسانية وببيع القضايا وبالتخلي عن الإنسانية بل وصناعة المآسي الإنسانية من أجل الاستفادة القصوى من ثروات الشعوب لا من أجل المساهمة في خدمة الإنسانية في أي مكان في العالم.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي