أعــــ اليمــ (1) ــن ــــلام ..لسان اليمن المفقود

بلال الطيب
الثلاثاء ، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨ الساعة ١١:٠٥ صباحاً

لاعتقادهم أنَّ الله مَيزهم عن الأمم الأخرى، وأنَّهم أقربُالشعوب إليه، عمل اليهود على تأسيس أول دولة دينية فيالتاريخ الانساني، تَجسدَّت فيها صورة «الحَاكم المُطلق»،مَبعُوث العناية الإلهية، وهي الصورة ذاتها التي عمدت«الهاشمية السياسية» على استنساخها، وما دولة «الهاديإلى الحق»، التي أسسها في صعدة الإمام يحيى بنالحسين سنة «284هـ»، إلا مثالاً ناجزاً لتلك «الثيوقراطية».

 

عايش «لسان اليمن» الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اللحظات الأولى لتأسيس تلك الدولة، وعارض فكرها العُنصري، وقال منتقداً: 

تملكها بمخرقة رجال ... بلا حق أقيم ولا بحد

وقد كانت على الإسلام قدماً ... ولم تسمع بهادي قبل مهدي

 

ولد «الهمداني» ونشأ بصنعاء، وطاف البلاد، واستقر بمكةزمناً، وعاد إلى اليمن فأقام في مدينة صعدة، وهاجىشعراءها، وقد أثنى عليه المؤرخ «الخزرجي» بقوله: «هوالأوحد في عصره، الفاضل على من سبقه، المبرز على منلحقه».

 

يُعد «الهمداني» المؤسس الأول للمنطلقات التحرريةالوطنية، دافع باستماته عن اليمن ومجدها الحضاري، وقال«الدامغة»، وهي قصيدة طويلة، قرابة «600» بيت، مطلعها:

ألا يا دارُ لولا تنطقينا ... فإنا سائلوكِ فخبرينا

عارض بها قصيدة الكميت التي فخر فيها بالعدنانية، والتيمطلعها:

ألا حُيِّيتِ عنا يا مدينا ... وهل بأس نقول مسلمينا

 

دفع «الهمداني» ثمناً لذلك عدة سنوات من عمره، سجنه «الناصر» أحمد بن «الهادي» يحيى بن الحسين في صعدة، فاستنهض من سجنه القبائل اليمنية للثورة على ذات الإمام، وهو ما حدث سنة «322هـ».

 

وقد قال في سجنه:

خليلي إني مخبرا فتخبرا ... بذلة كهلان وحيرة حميرا

عذيري من قحطان إني مشتك ... عواديكما ظلما وخذلافانكرا

وأصبحت مأسوراً بأيدي معاشر ... رضاً لهم بأقبح ذامتذكرا

 

من تصانيف «الهمداني»: «الإكليل»، و«سرائر الحكمة»،و«القوي»، و«اليعسوب»، و«الزيج»، و«صفة جزيرةالعرب»، و«الجوهرتين» في الكيمياء والطبيعة، و«الأيام»،و«الحيوان المفترس»، و«ديوان شعر» في ستة مجلدات،ويعود فقدان معظم كتبه إلى عصبيته الغالية للقحطانية التيحملت النزارية ومن يتعصبون لهم على إعدام كتبه وشعره،وإلى إقامته باليمن البعيدة عن حاضرة الخلافة العباسية.

 

ويعد «الإكليل» من أهم كتب «الهمداني» وأشهرها، ولميعثر من أجزائه العشرة إلا على أربعة أجزاء فقط، هيالأول، والثاني، والثامن، والعاشر، وقيل إن هذا الكتاب تعذروجوده للمثالب المذكورة فيه في بعض قبائل اليمن، فأعدم كل أهل قبيلة ما وجدوه في حقهم.

 

كما عمل الإماميون على إخفاء ذات الكتاب؛ لأنه أنكر«هاشمية» بعضهم، وألحقهم بالفرس، وغير بعيد ذكر أمينالريحاني في كتابه «ملوك العرب» أنه وأثناء تواجده فيصنعاء، قيل له إن كتاب «الإكليل» موجود كاملاً في مكتبةالإمام يحيى؛ فأين ذهب إذاغير معروف.gif ؟

الحجر الصحفي في زمن الحوثي