المفاوضات الدولية وولد الشيخ !!!!!

محمد قشمر
السبت ، ٢١ اكتوبر ٢٠١٧ الساعة ٠٨:٣٣ مساءً


التقى الأخ رئيس الجمهورية بالمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ وكان الهدف حسب ما أعلنته وسائل الإعلام إحياء عملية السلام التي توقفت من قبل فترة ٍ ليست بالوجيزة.


عملية المفاوضات ليست بالأمر الهين أبداً خصوصاً في أوقات النزاعات المسلحة والتي تتعقد فيها الأمور بتوافر الكثير من المعطيات التي تخدم المتقاتلين فقط وأعوانهم واصارهم الإقليميين والدوليين، ولا تخدم المدنيين وأوطانهم الذين تضرروا من تلك الحروب وما تخلفه من مآسي إنسانية يكون من الصعب أن تمحى من ذاكرة الأجيال. 


عاد ولد الشيخ وهو حقيقة ً لا يحمل مشروعاً واضحاً بهذا الصدد غير أنه كما أظن يحاول أن يوصل رسائل مختلفة بأن الوقت يمر وعجلة الاحتراب والقتل مستمرة ،وفي الوقت ذاته فإن أي مؤشرات نصر او حسم للمعركة عسكرياً لأحد الطرفين غير موجودة إطلاقاً. 


ولد الشيخ تحدث في كل تقاريره أمام مجلس الأمن بأنه لا يمكن بأي حالٍ حسم المعركة عسكرياً مما يٌستشف من كلامه بأنه على ثقةٍ بما لديه من معلومات استخباراتية بأن الطرف الانقلابي على قدرٍ كافٍ من القوة العسكرية والتكتيك العسكري الذي من خلاله يضمن بقائه في ساحة المعركة لفترةٍ زمنية ٍ أطول ، كما أنه يؤكد بأن الدبلوماسية العالمية حتى الان لم تحسم الأمر باتخاذ قرار واضح صريح جرئ يمكن أن يخفف الضغط على القيادة الشرعية وحلفائها ويؤكد الموافقة على الحسم العسكري لإنهاء الأمر ، اصبح الامر عبارةً عن تجارةٍ من نوع جديد بأرواح البشر في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة ، أنا هنا لا اتحدث عن تجارة الأسلحة القانونية والتي تتم بعقود رسمية عبر الدول ولا حتى أتحدث عن تجارة الأسلحة غير الرسمية والتي تعتمد على التهريب في عملياتها ، أنا اتحدث عن التجارة الدبلوماسية الجديدة التي تسعى لفرض الحلول التي تؤجل الحروب الى فترات ٍ أخرى لتأسس لمعارك قادمة وأن المفاوضات والحلول ليست أكثر من استراحة محارب لتعاود كل الأطراف الاقتتال والاحتكام الى السلاح لفرض آرائهم وأجنداتهم وأجندات حلفائهم . 


الشارع اليمني يتساءل عن الجديد الذي يحمله ولد الشيخ من أجل أن (يحيي) المفاوضات وما هي الاستراتيجية التي يتخذها، لا نحمل الكثير من التفاؤل بهذا الخصوص لأن كل المؤشرات لا تبدي لنا شيئاً حسناً يمكن أن يكون مساعداً على فرض الحلول المنصفة في هذه الحرب العشواء التي قامة من بدايتها لهدف عظيم وراقي ونبيل وهو إعادة الشرعية وانتزاعها من أيدي الانقلابين ثم تحولت الى تحقيق رغبات خارجية  دولية أكثر منها داخلية ، 
كانت المنظمات الدولية صاحبة حظ كبير وهي من أكبر المستفيدين من هذه الحرب ولا أستبعد أن يكون لها  دور سلبي فيها لأنها استطاعت أن تحصد الكثير من المنافع المادية المباشرة من خلال الدعم المقدم اليها من الدول المانحة وعلى رأسها مركز الملك سلمان  للإغاثة ، أخر الأخبار المفزعة هو ما تقدمه تلك المنظمات من دعم نقدي مباشر للحوثيين بهدف إزالة الألغام الذين هم يتلذذون بزراعتها وقد حصدت الكثير والكثير من الأرواح من المدنيين نساءُ واطفالاً وكهولا . 

 

قدمت منظمة الأمم المتحدة مبلغ 14 مليون دولار للحوثيين بحجة نزع الألغام وهي في الحقيقة عملية استهزاء مباشر من المنظمة العالمية العملاقة من كل القيم والمبادئ التي تدعي بأنها تدافع عنها ، تقدم لهم الأموال وهي تدرك تماماً بأن تلك الأموال لن تذهب الى البرامج التي خططوا لها ولكن لما خطط له الانقلابين ، ولا توجد ايضاً آليات يمكن الاعتماد عليها لمتابعة تلك الاموال ، هم يدركون جيداً بأن تلك الأموال تذهب للمجهود الحربي ونحن أيضاً نعلم جيداً بالدور المشبوه لتلك المنظمات في إبقاء الانقلاب جاثياُ فوق رأس الشعب .


ولد الشيخ يقاتل من أجل الحصول على شرف إنهاء الحرب القائمة في اليمن ولكنه لا يهتم بالطريقة التي يمكن ان تنهي ذلك الصراع ولصالح من ، هم جميعاً يتحدثون باسم الإنسانية لكنهم يطعنونها في ظهرها عن طريق توفير كل أنواع الدعم الممكن للطرف الانقلابي .الوقت يمر ويأخذ معه الكثير من قوة الشرعية والتحالف ويبدي الكثير من المساوئ كما أنه يبدي مجموعة من المجرمين القتلة بصورة المنتصر وهو الممقوت جملةً وتفصيلا من الداخل اليمني بالإجماع ، 
المفاوضات الدولية لم تحقق الكثير على مستوى الشرق الأوسط وها هي سوريا تدك بالقوة العسكرية الروسية ولم تستطع حتى الان السياسة الدولية عبر منظمة الأمم المتحدة أن تقدم الحلول الناجعة لها لأن الهدف الخارجي قوي جداً وتحرسه قوة عملاقة اسمها روسيا، 


في اليمن يؤكد المجتمع الدولي على المرجعيات الثلاث لإحلال السلام في اليمن ولكنه يعمل كل جهده من أجل تدميرها والالتفاف عليها ، والحقيقة أنها ليست أمراً مقدساً ولا نتمسك جميعنا بها لأنها أمر إلهي ولكن لأن ما يفرض دونها ليس أكثر من محاولة دولية لتشريع الانقلاب وإبقاء الباب مفتوحاً أما الصراعات المستقبلية داخل اليمن وخارجها . 

 


أخشى كل ما أخشاه هو أن يكون الهدف السامي لإسماعيل ولد الشيخ هو الحصول على إضافة في سيرته الذاتية حتى ولو كان الثمن كل الدماء التي تبذل وما زالت تبذل على الأرض اليمنية ،، لأنه حتى الان لم يثبت لنا أن الأمم المتحدة جادة بما يكفي لأن تكون عنصر فاعل وحقيقي في إحلال الأمن والسلم الدوليين بل قد تكون هي واحد من أهم أسباب الصراعات القائمة على المستوى الدولي.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي