الخروج من نمط الصراع القديم (2-2)

أسعد عمر
الاثنين ، ١٩ يونيو ٢٠١٧ الساعة ١١:٤٧ صباحاً

وعود على بدء فمع توسع اشكال المقاومة للانقلاب  برزت من جديد معالم الانقسام الاجتماعي في اليمن بطابعه القديم  حيث عمد العديد من رموز الانقلاب الى احياء مظاهره وفقا للأسس العرقية و المناطقية  وتمادى البعض منهم  الى ما هو ابعد بتكريس الطائفية  بأبعادها المذهبية بمسمياتها السنية والشيعية  ومثل هذا سببا في ظهور حراك مضاد من نفس النمط فإضافة الى الموقف العقائدي لبعض القوى الدينية المنضوية في صفوف الشرعية ظهر من يحيي دور مواجه  للتمدد الحوثي المدعوم والمدار ايرانيا من منطلقات اليمننة و الاصل الحميري وغير ذلك من المسميات واعتبار سيطرة الحوثيين واستئثارهم بالسلطة احتلالا اجنبيا وتمددا طائفيا دخيلا على اليمن والاقليم  .

ومما يؤسف له ان هذا  النوع من الصراع  بجوانبه القديمة والجديدة بات يتجسد  بشكل يومي وتنعكس الكثير من اشكاله وصوره في مضامين سياسة  العديد من القوى والشخصيات خطابا وممارسة و بالذات منها جماعات التشدد الديني والتي تعد جماعة الحوثي اكبرها ثقلا  بحكم الانقلاب وكيف لا يكون منها غير ذلك وهي من وجدت فيه وسيلتها المناسبة للزج بالعديد من الاسر المنتسبة للهاشمية من مختلف البلاد بمدعى الاستجابة لدعوة خروج الامام والزج بأكبر عدد من ابنائها للاشتراك في خوض معترك خاسر حتما من اجل مشروع رجعي في شكله ومضمونه خارج عن الواقع ومتناف مع متطلبات العصر و مقتضياته  .

 

وعلى الرغم  مما يقدمه مناهضو الامامة من مبررات مقنعة في بعض اوجهها تجاه مجابهة انصار القداسة والسلالة الا انهم بانتهاج نفس المنطلق القائم على العرق والهوية يتقاطعون من حيث يشعرون ولا يشعرون مع جماعة الحوثي في اذكاء نعرات الصراع القديم وتكريس الانقسام الطائفي والعرقي ليقع الجميع  في مغبة الغفلة تجاه تبعات ذلك ونتائجه على التعايش و الاستقرار واثاره على حساب القضية الوطنية ومشروع الدولة المدنية التي ينشدها كامل اليمنين وتماسكهم اجتماعيا وهنا تكمن المصيبة التي تتهدد مستقبل الوطن بكامله والتي لا يمكن  تفاديها على الاطلاق مالم يكف اليمنيون عن وجهة الصراع القديم والخروج من بين ثناياه فلن يكون بالمقدور وقف نزف الدم اليمني  وفرض اي حلول لاستعادة الدولة الجامعة مالم تتوقف كافة الاطراف عن تأجيج الفتن المتواترة والنأي عنها .

 

  وهنا تتجلى اهمية الدعوة مجددا  لقادة الدولة في الرئاسة والحكومة والسلطة المحلية و المكونات الوطنية وبالأخص منها الاحزاب السياسية والنقابات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني ومن تبقى من رموز ومناضلي الحركة الوطنية و النشطاء من اجل استنهاض دورهم سياسيا واجتماعيا  لتدارك هذا الحال والحفاظ على مكتسبات ثورتي سبتمبر واكتوبر وما تخلق عنها من قيم المساواة ونظم العدالة وما تحقق خلالها من توازن اجتماعي وترابط وطني والحيلولة دون تمزق البلاد والاسهام بفعالية في عقلنة المطالب وتحويل اتجاهات التوتر والصراع  بعيدا عن وجهات المنازعة الطائفية والمناطقية واعادتها الى طابعها السياسي و المدني والقانوني وتشكيل اطار يعني بالحماية الاجتماعية، والتشارك مع الحكومة لإعداد خطة تنفيذية من اجل البناء والاعمار ومعالجة اثار الحرب  يراعى فيها منح اولوية  للمناطق الأكثر تضررا والفئات الاشد فقراً وتخلف على طريق النهوض والوصول للتناسب في النمو الاقتصادي  والسياسي والتوازن  على المستوى الوطني والغاء المليشيات  وتمكين الأصوات الدينية المعتدلة ودعمها وتجريد اصحاب الدعوات  المناطقية والعرقية والطائفية  من كافة اوجه الغطاء السياسي وحرمانهم من امكانيات الحضور داخل بنى الدولة المؤسسية والاحزاب  وتعزيز التواصل  مع رعاة اليمن وحلفائها لايجاد قنوات عمل مشتركة من اجل ضمان عدم دعم الشخصيات والجماعات المتطرفة بالمال و السلاح . 

 

ومما ينبغي قوله لجمهور الشباب اليمني ذكورا واناثا  وبالذات منهم النشطاء  وشباب الاحزاب وابطال وجماهير ثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية المجيدة وهي دعوة ومناشدة باننا بأمس الحاجة لتجاوز السياج المرسوم علينا بالبقاء عند مهمة اجترار الصراع على السلطة عند حدود التنافس القديم بين الشيخ والسيد وعدم تكريس مفاهيمه بناء على ذلك والخروج من انساق جماعات السيطرة وعلاقاتها القديمة والنضال بمواكبة اللحظة  لفرض التغيير والتحول والخروج من سطوة قوى النفوذ التقليدية وهيمنتها في توجيه القاعدة الاجتماعية واستغلالها لتنفيذ اجندتها في الانقضاض على الثروة  والسلطة والتصدي لمشاريع السلالية والعرقية والطائفية ومقارعة دعاتها ايا كانوا وايا كانت المبررات  والعمل في اطار مختلف المكونات ومعها  لفتح افاق مدروسة من اجل تجاوز نمط الصراع على السلطة من منطلقات احقية السلالة والعرق والنفوذ القبلي او الديني .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي