جريمة جديدة ... وحكم منعدم

أسعد عمر
الخميس ، ١٣ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٩:٢٧ صباحاً

           من وجهة نظري فأن مزعوم الحكم الصادر بحق الصحفي يحيى عبدالرقيب الجبيحي ما هو الا اعلان عن وسيلة جديدة من وسائل التهديد بالقتل ليس الا ،  وامتداد لمشوار انتهاك  كارثي تعرض له الجبيحي واخرين في اطار تواصل الانتهاكات لحقوق الانسان التي ترتكبها مليشيات الانقلاب  .        

 

                               بدأت سلسلة الانتهاكات التي وقعت بحق الصحفي المذكور باختطافه من قبل عناصر تابعة لتحالف الانقلابين واعقب ذلك  صور واساليب شتى من الانتهاكات وصنوف التعذيب يبقى الابرز منها وضعه في حالة الاختفاء القسري لفترة من الزمن وسجنه في ظل ظروف لا إنسانية افتقد فيها لحقه باظهار مكان سجنه وتمكينه من الاتصال باهله و زيارتهم له ، دونما مراعاة لحالته الصحية وكبر سنه ولم يتم السماح له بالالتقاء بالمتطوعين لمتابعة قضيته ولم يسمح لهم بالاطلاع على تفاصيل إجراءات قضيته وغير ذلك من الممارسات الاخرى المتوقعة وربما غير المتوقعة التي لم يكن المقدور التعرف عليها او الكشف عنها .        

 

                      فقد فُضل لقضية اختطاف الصحفي الجبيحي ان تبقى بعيدة عن  التناول الاعلامي استجابة لرغبة اسرته وذويه التي خضعت  لضغوط وتهديدات جعلت ألسنتهم  عاجزة عن التفوه بكلمة  حتى كانت لحظة الفزع بإعلان خاطفيه لعريضة غير قانونية زعموها حكم قضى بإعدامه ليعود الجبيحي الى واجهة الاعلام الذي كان يطل فيه مرارا وتكرارا من نوافذ عديدة ككاتب ومحلل سياسي بارز عميق الرؤية لكن ظهوره هذة المرة جاء باعتباره الصحفي الأكثر عرضة  لخطر الموت .            

 

                                     من الناحية القانونية  فأن مزعوم الحكم  المعلن عنه يفتقد لكافة الأركان والشروط التي أوجبها القانون لضمان صحة الحكم القضائي واتصافه بالقطعية والمعلوم قانونا ان فقدان اي حكم قضائي لاي من أركانه الاساسية فأن مصيره ( الانعدام ) واذا اخُل بأي من شروطه فأنه سيترتب على ذلك (البطلان )   .                    

 

                                                      فما بالكم  بحكم اهدر فيه بشكل مطلق بكافة الأركان والشروط القانونية كما هو حاصل في مزعوم الحكم الصادر بحق الصحفي الجبيحي  والذي صدر بجلسة واحدة  وخرج بشكله وموضوعه فاقدا لروح القانون فقدانا تاما ، ليكون مصيره بحكم القانون الانعدام بصورة قطعية فلا مشروعية في وجوده  ولا يمكن ان يترتب عليه اي أثر قانوني ولا حجية له ولا امكانية  للاعتداد به او لتنفيذه ( كأن لم يكن ) .              

 

 

                                              و كما هو ظاهر للعيان وبمعرفة الجميع على المستوى الداخلي والخارجي ان كافة اجهزة الدولة بما فيها الجهاز القضائي تم السيطرة عليها من قبل  الانقلابيين  والمليشيات المسلحة وتخضع إرادة المسؤلين عليها والعاملين فيها لسطوة الانقلابين ويتم توجيهها وإدارتها  وفقا لما يخدم غرض الانقلابيين وغاياتهم بالتوسع والسيطرة وقمع اعمال الرفض للانقلاب والمقاومة له  .      

 

              اضافة الى ذلك فإن كافة الاجراءات التي خضع لها الصحفي الجبيحي  والممارسات التي تعرض لها ما هي الا انتهاكات جرت وما تزال تجري خارج القانون ناهيك عن ان المسؤلين عنها والقائمين بها لا يمتلكون اي صفة قانونية كونهم بالأساس جماعات خارجة عن القانون  وليسوا ضمن مكونات اي جهاز اداري او قضائي تابع للسلطة الشرعية .          

 

                              زد على ما تقدم ان هذة  الجماعات هي نفسها من باشرت التحقيق معه بتهم كان الابرز منها هو((  دعمه وتأييده للسلطة الشرعية  )) كما ان هذة الجماعات هي نفسها  من احالته للمحاكمة امام محكمة غير دستورية مشكلة بقرار من قيادة تحالف الانقلاب  .              

 

                      وأود ان أشير في هذا السياق  الى  ان رئاسة الجمهورية والحكومة الشرعية قد سبق لها ان أصدرت تعميما برفض والغاء كافة الإجراءات والقرارات الصادرة من قبل الانقلابيين قديمها وجديدها واعتبارها كأن لم تكن وهو ما يعزز كل ما ذكرناه  في عدم حجية كافة الاجراءات المتخذة بحق الجبيحي من قبل الانقلابين  داخل مباني النيابة العامة والمحكمة   وعلى مكاتبها .      

 

                                                          وبعيدا عن مضمون مزعوم الحكم وعدم قانونيته وظروف إصداره  فأن  جانب اخر منه جدير بالتناول ولو بشكل موجز الظاهر منه  ان الغرض الاساس من هذة الخطوة التصعيدية التي أُقدم عليها لا يقف عند حدود  استهداف حياة الصحفي يحيى الجبيحي فقط حيث تبقى احتمالية استهداف حياة وحريات اخرين واردة وبشكل كبير خاصة في ظل حالة النزق التي باتت تتصرف  بها جماعات الانقلاب جراء عدم قدرتها على احتمال بروز المزيد من الأصوات الرافضة للانقلاب والداعمة للشرعية او غيرها من المطالبات برحيلها وهو مالن تتقبله وبالذات ما ينطلق منها من داخل امانة العاصمة ومحيطها ولعل القادم في هذا الإطار سيشهد توسع في محاكمة المزيد ( الرموز البارزة ) ممن نذروا انفسهم لمواجه الانقلاب سياسيا وعسكريا سواء من كان منهم خاضعا للاسر والاختطاف او غيرهم ممن انتشروا في المحافظات المحررة وخارج الوطن واستغلال جهاز القضاء ليكون احدى وسائلهم في ذلك  .      

 

                                                        وعودٍ على ذي قبل فان لاحتمالية  أصرّار الانقلابيين على التنفيذ لمزعوم  الحكم بحق الجبيحي  لا سمح الله سيكون من اعمال القتل خارج القانون وسيسجل عليهم  كجريمة  مضافة لما سبق  من الجرائم المرتكبة من قبلهم  .    

 

                                        وختاما فأن من الأهمية الانضمام للدعوات والمناشدات المطالبة  للجميع للتضامن مع الصحفي الجبيحي وبشكل خاص لكل المنظمات الانسانية المحلية والاقليمية والدولية  وكافة نشطاء حقوق الانسان للتحرك والضغط من اجل الافراج عن الجبيحي  وحماية حياته كما نتوجه بالمناشدة ذاتها لقيادة  السلطة الشرعية مع المطالبة لها بالاهتمام بأسرته ودعم الجهود المبذولة في سبيل متابعة قضيته وقضايا غيره من المختطفين والاسرى القابعين ظلما وعدونا  في سجون تحالف مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي