الرئيسية > دنيا فويس > ماذا يأكل جياعُ غزّة؟ وصلوا حدّ اليأس

ماذا يأكل جياعُ غزّة؟ وصلوا حدّ اليأس

" class="main-news-image img

في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة، يعيش عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضاع كارثية وصعبة، في ظلّ تفشّي الجوع الذي دفع أبو جبريل إلى ذبح حصانَيه الاثنين لإطعام أطفاله وجيرانه.

 

 

 

ويقول أبو جبريل (60 عاماً)، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا خيار أمامنا إلّا ذبح الحصان لإطعام الأطفال، الجوع يقتلنا، لا توجد أي أنواع من الخضراوات، ولا طحين ولا مياه شرب».

 

ويضيف: «لدي حصانان كنت أشتغل عليهما في أرضي الزراعية في بيت حانون، دمّروا بيتي وجرفوا أرضي. قرّرت ذبح الحصانين لمساعدة عائلتي وعائلات أقاربي وجيراني في الحصول على الطعام».

 

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، يوم الجمعة، أنّ طفلاً يبلغ من العمر شهرين يدعى محمود فتوح توفي جراء سوء التغذية في مستشفى الشفاء في مدينة غزة، على بعد 7 كيلومترات من جباليا.

 

وكان مخيّم جباليا الذي أُنشئ في عام 1948 والذي يغطّي مساحة 1.4 كيلومتر فقط، الأكبر في القطاع الفلسطيني قبل الحرب التي اندلعت إثر تنفيذ حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، أسفر عن مقتل 1160 شخصاً، وفق السلطات الإسرائيلية.

 

وأوقع الردّ الإسرائيلي المدمّر على الهجوم 29606 قتلى في قطاع غزة، معظمهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة في غزة.

 

فرّ أبو جبريل من بيت حانون القريبة عندما اندلع النزاع. وبات منزله مع عائلته عبارة عن خيمة بالقرب من مدرسة الفالوجا التابعة للأونروا التي تؤوي نازحين.

 

 

قبل الحرب، كانت المياه الملوّثة وانقطاع التيار الكهربائي مشكلتين في المخيّم المكتظ بالسكّان. وكان الفقر الناجم عن ارتفاع معدّلات البطالة مشكلة أخرى بين سكّانه الذين يزيد عددهم عن 100 ألف نسمة.

 

الآن، بدأ الطعام ينفد في ظلّ عدم قدرة وكالات الإغاثة على الوصول إلى المنطقة، جراء القصف وسرقة الشاحنات القليلة التي تحاول العبور.

 

وأفاد برنامج الأغذية العالمي، هذا الأسبوع، بأنّ فرقه أبلغت عن «مستويات غير مسبوقة من اليأس»، بينما حذّرت «الأمم المتحدة» من أنّ 2.2 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة.

 

 

التسوّل

في المخيّم، ينتظر أطفال بترقّب، بينما يحملون علباً بلاستيكية وأواني طهي مكسّرة للحصول على الطعام القليل المتاح.

 

 

ومع تضاؤل الإمدادات بالغذاء وارتفاع الأسعار، يشكو شابّ من أنّ سعر كيلو الأرز ارتفع من 7 شيكلات (1.90 دولار) إلى 55 شيكلاً.

 

ويقول بغضب، مشيراً إلى طفل بجانبه: «نحن الكبار لا يهمّنا... أمّا الصغار الذين تبلغ أعمارهم 4 و5 سنوات، فما الذي ارتكبوه من ذنب كي يناموا جائعين ويستيقظوا جائعين؟».

 

وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أنّ النقص المقلق في الغذاء وتزايد سوء التغذية والأمراض قد تؤدي إلى «انفجار» في وفيات الأطفال في غزة.

 

ويتم تداول مقطع فيديو، على مواقع التواصل الاجتماعي، لطفل يقدّم على أنه محمود فتوح، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة سوء التغذية، وفق ما قالت وزارة الصحة في القطاع المحاصر.

 

ويعاني واحد من كل 6 أطفال دون الثانية من العمر في غزّة من سوء التغذية الحاد، وفق تقديرات لمنظمة «يونيسيف» نُشرت في 19 فبراير (شباط).

 

وفي محاولة لسدّ جوعهم، اعتاد سكان قطاع غزة على تناول بقايا الذرة الفاسدة والأعلاف الحيوانية غير الصالحة للاستهلاك البشري حتّى أوراق الشجر.

 

وتقول امرأة موجودة في المخيم: «لا أكل ولا شرب... ولا طحين»، مضيفة: «بدأنا نتسوّل من الجيران، ولا شيكل في الدار. ندقّ الأبواب في الحارة ولا أحد يعطينا مالاً».

 

 

«موت من الجوع»

وتتصاعد حدّة التوتر في جباليا بسبب نقص الغذاء وتداعياته، فيما نُظّمت، يوم الجمعة، وقفة احتجاجية شارك فيها عشرات الأشخاص.

 

وحمل طفل في المظاهرة لافتة كتب عليها: «لم نمت من القصف، ولكننا نموت من الجوع».

 

ورفع آخر عالياً لافتة كُتب عليها: «المجاعة تنهش لحومنا وأجسادنا»، بينما هتف المتظاهرون: «لا لا للجوع، لا لا للإبادة الجماعية، لا لا للحصار».

 

 

على مدى الأسابيع والأشهر الماضية، أدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى تحويل غزة إلى دمار. لم يخبر جبريل أحداً بقراره ذبح الحصانَين. طبخ اللحم مع الأرز، وقدّمه لعائلته وجيرانه.

 

ورغم الحاجة، يقول إنّه لا يزال قلقاً بشأن ردّات فعلهم. ويضيف: «لا أحد يعرف أنّه يأكل لحم حصان».


الحجر الصحفي في زمن الحوثي