الحوار مشروع ومشروعية

طارق نجيب باشا
الاثنين ، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٥٨ مساءً


أفرز الواقع السياسي اليمني بمعطياته المتفردة وكذا المتغيرات السياسية التي تسارعت وتيرتها منذ عام ٢٠١١ في اليمن عددا من المشاريع السياسية الهادفة لتحديد ملامح مستقبل اليمنيين -على حد قولهم- هذه المشاريع منها ماهو واضح المعالم ومنها ماهو غير ذلك وأصحابها إتخذوا من حالة الحرب حجة للسعي لفرض مشاريعهم كأمر واقع على منطقة معينة أو على نطاق معين بدلا من إقناع المجتمع بحيثيات وأهداف مشاريعهم


هذه الحقيقة جعلت السؤال الأهم لدى المجتمع هو (مع أي مشروع نقف؟ ) 


هناك عدد من المحددات التي تساعدنا على غربلة المشاريع السياسية المطروحة أمامنا والموجودة حاليا للوصول إلى الأنسب منها لمستقبلنا والمتواكبة مع تطلعاتنا كي نقف بعدها مع هذا المشروع أو ذاك ولو بالكلمة أو المناداة بإحقاقه، ومن أهم المحددات التي يجب أن نضعها في الحسبان عند الحديث عن أي مشروع سياسي هو تواكب هذا المشروع مع المكتسبات السياسية الموجودة أساسا في المجتمع والبناء عليها مثل (الديمقراطية) فالمشاريع السياسية من المفترض أنها وضعت كي تبني وتضيف لا أن تسلب مكتسباً ناضلت من أجله أجيال كي تحقه، وكذلك تماهي المشروع مع مبادئ حقوق الإنسان فأي مشروع مطروح على طاولة اليمنيين

 

يجب أن يرسخ هذه المبادئ ويعزز من وجودها في الدستور والقوانين القادمة ويضع قواعد لعدم تكرار الإنتهاكات الحقوقية التي حدثت سابقا، وكذا الإهتمام بالإستناد القانوني السليم للمشروع المطروح فالقانون هو أساس التماسك والوفاق بين المجتمع وعدم إعارة الإهتمام بذلك يؤسس للفرقة والعصبية فالمشروع الذي آتى على قاعدة (كل ما سبق مرفوض وسيتم تدميره) دون الإلتفات لجوانب القوة والأسس الإيجابية فيه لا يمكن له إحقاق نقلة نوعية في مستقبل البلد.

 


إن مثل هذه المحددات تساعدنا على معرفة ماهو المشروع السياسي الأمثل الذي يجب أن نقف خلفه في هذه المرحلة والتقارب معه وبالنظر إلى جميع المشاريع الواضحة على الساحة السياسية اليمنية 
فإن أغلب المحددات المذكورة سابقا موجودة في مشروع (اليمن الإتحادي) المتمثل بوثيقة مخرجات الحوار الوطني التي ترسخ لديمقراطية لا إقصاء فيها تؤدي إلى توزيع عادل للثروة والسلطة لا يظلم فيها أبناء منطقة معينة مقابل أخرى، كما أكدت الوثيقة على تعزيز مبادئ حقوق الإنسان عبر مئات المواد والبنود المتضمنة فيها والتي ترجمت لاحقا إلى باب كامل في مسودة الدستور القادم لتصبح مبادئ حقوق الإنسان محمية ومصانة بصون الدستور والأهم هنا هو الإستناد القانوني والسياسي السليم لهذا المشروع ولهذه الوثيقة مما جعل العالم أجمع يعترف بمشروعية الحوار ووثيقته كأساس سليم لبناء اليمن الجديد المنشود.
...
طارق نجيب باشا 
من عمود (حاء واو ألف راء) 
صحيفة ١٤ أكتوبر 
العدد الصادر يوم الإثنين ٢٠ نوفمبر ٢٠١٧

الحجر الصحفي في زمن الحوثي